كتب محمد محمد الانسي -خبير اقتصادي
ــــــــــــ
مفهوم الحرية في الإسلام عميق ومهم جداً، ومختلف عن المفاهيم المنتشرة الصادرة عن جهات كلها مارست استعباد الانسان وكلها ارتكبت جرائم استغلاله وما زالت تفعل ذلك. ففي القرآن للحرية مفهوم مختلف عن المفاهيم الأخرى، يتميز بأن الالتزام به يحقق الاستقرار الاجتماعي والسياسي، ويحقق العدالة الاقتصادية ويتميز بأنه مرتكزاته الأساسية صون كرامة الإنسان. ولكن المشكلة في البشرية نفسها تفضل البدائل الأخرى البشرية.
هناك جهات تعرف الحرية بانها تمكين الانسان من أكل ما يشاء وارتداء ما يحب.
فالحيوان يجد طعامه كما يجد الإنسان طعامه، ولكن ضمان الطعام لا يجعل الإنسان إنسانًا، لأن الإنسان يتميّز عن سائر المخلوقات. فالإنسان قد يختار الجوع من أجل الصيام، وقد يختار الموت دفاعًا عن شرفه، وقد يذهب إلى الحرب وهو يعلم أنه لن يعود منها؛ والإنسان بطبيعته قادر على أن يقول لا للظلم، ولا للباطل ولا للهيمنة والاستعباد؛ وهذه القدرة هي جوهر حريته، وإذا سُلِبت هذه الحرية من الإنسان، سُلِبت منه وسيلة الحياة التي يرفض بها ويقبل، ويختار بها ويقرّر.
الشيء الوحيد الذي يضمن هذه الحرية هو ارتباط الإنسان بخالقه واستجابته للإرشادات والتشريعات التي فيها ما يضمن له هذه الحرية وما يحفظ له كرامته من الامتهان والظلم والاستغلال، ويحصنه من العبودية للطاغوت وأولياء الشيطان.
من الأشياء المعروفة بأن وسائل الإعلام والتضليل بكل أنواعها والقوانين والسجون وكل وسائل الإرهاب والتخويف لا تصنع فضيلة ولا تربي الانسان على قيم الخير والفضيلة. فالخوف يتنافى مع الكرامة، ولا فضيلة بلا كرامة.
التسليم لله والارتباط به والتمسك بنوره هو الشيء الوحيد الذي يربي الإنسان ويرسخ في ضميره الخير والفضيلة ويبعده عن الشر، ويحمي البشرية من استعباد الطواغيت واستغلالهم.
والحرية في النظام الرأسمالي تُختزل في أن تفعل ما تشاء وتمتلك ما تشاء وتنتج ما تشاء وتبيع بأي سعر ما دمت مرتبطاً بسياسات النظام المالي العالمي وسياساته المالية والاقتصادية والتجارية، وما دمت تدفع الضريبة والرسوم.
والحرية في الشيوعية تتحقق بعدم امتلاك أدوات الإنتاج. إلا للمؤسسات الحكومية التي تعمل مع نفس الممولين المرابين في الرأسمالية وتنهب القيمة لصالحهم.
الممولون المرابون هم من صنع الشيوعية بكل مراحلها ومذاهبها الاشتراكية والنازية والفاشية لتكون الخيار الذي لا يستطيع أن يهرب إليه الهاربون من جحيم رأسماليتهم.
وقد جربت البشرية هذه الأنواع من الحريات الزائفة فلم تجلب لهم سوى الفوضى والظلم والحروب والتجويع والامتهان.
استمرار أزمة الثقة بين المخلوقين وبين خالقهم هو ما يجعلهم عبيداً للطواغيت وضحايا للظلم والاستغلال..