مشاكل الرأسمالية وجذور الأزمات المالية

يقوم النظام (الرأسمالي) على المراكمة الاقتصادية بوجهيها السلعية والمالية، كالنظام الاشتراكي تماماً بفارق واختلاف بسيط يتمثل في اختلاف طريقة إدارة عملية تنظيم الإنتاج وتوزيعه حيث تعتمد الاشتراكية التوزيع الأفقي بينما تعتمد الرأسمالية التوزيع العمودي.
أما في التعريف الرسمي فالنظام الرأسمالي: (يتم فيه امتلاك وسائل الإنتاج والتجارة والصناعة من قبل الأفراد أو الشركات من أجل الربح، ويُعرف أيضا باسم اقتصاد السوق الحر أو اقتصاد عدم التدخل، ويقوم على الملكية الفردية لعناصر الإنتاج والحرية الاقتصادية في إدارة وتسيير وممارسة النشاط الاقتصادي من خلال الثمن أو قوى السوق، وتحقيق الربح بأي طريقة) وتبرز هنا خطورة غياب القيم.
والنظام الاشتراكي: (يقوم على الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج وتحكم الدولة في إدارة وتسيير وممارسة النشاط الاقتصادي من خلال التخطيط المركزي)
ولقد جربت العديد من دول العالم (النظام الاشتراكي) ولم تنجح في تحقيق الأهداف التي كانت معلنة بشكل رسمي، فقد فشلت تلك الأنظمة في تحقيق المساواة ولم تمنع من نشأة الطبقات والفئات الغنية وتحكمها، ولذلك تعرضت للتفكك والاندثار وآخر مرحلة لها في 1991م بعد تفكك الاتحاد السوفياتي.
وما تبقى من مسميات في بعض الدول كالصين وكوبا وكوريا الشمالية وفيتنام، بالرغم من الإدارة المركزية عبر (حزب واحد) إلاّ أن اشتراكيتها اليوم تبقى مجرد تسمية، إضافة إلى أنها أعلنت رسمياً اجراء تعديلات في اشتراكيتها المالية وآلية العمل النقدي والاستثماري بشكل عام بما يتوافق مع السياسات التي تريدها قيادتها المركزية كما فلعت الصين.
والحقيقة أن جميع دول العالم اليوم ضحية لهيمنة الرأسمالية الأمريكية وفي قبضة مخالب الدولار الأمريكي من خلال مجموعة من الأدوات أبزرها مايلي:
- هيمنة الدولار كعملة احتياطية
- سيطرة أمريكا على النظام الآلي للتحويلات البنكية والمصرفية (سويفت)
- إدارتها لـ(نظام السحب الخاص)
- منظمة التجارة العالمية، وقد بدأت هذه الهيمنة والتسلط منذ مؤتمر(بريتون وودز) في 1944م.
- حلف الناتو (جناح مسلح).
- داعش والقاعدة وجماعات التكفير(جناح مسلح)
- البنك الدولي.
- صندوق النقد الدولي
- الوكالة الدولية للتنمية
- منظمة التجارة العالمي
- منظمات ومؤسسات الاحتباس الحراري.
- نصت اتفاقية بريتون وودز في 1944م على أن عملة الدولار هي العملة المعتمدة للاحتياط العالمي ومن ذلك الوقت أصبحت المدفوعات النقدية للصادرات والواردات بين الدول هي عملة الدولار.
- كانت موافقة الدول مبنية على أساس أن عملة الدولار قابلة للاستعادة والمبادلة بالذهب (35) دولار لكل أونصة، والأونصة إحدى وحدات قياس الكتلة، وهي مستخدمة في عدد من الأنظمة وتساوي 28,349523125 جرام، وهناك وحدات أخرى (أونصة تروي) وتبلغ أونصة تروي الواحدة 1034768 جمبالضبط. ويوجد في الـ كغم الواحد 32.15 أونصة تروي تقريبًا.
- كانت أمريكا قد وعدت بالالتزام بعدم طباعة أي كميات من الدولار إلا بما يعادلها من الذهب، لكنها لم تلتزم بوعدها ولا تسمح لائحة الاحتياطي الفيدرالي لأي جهة بمراقبة أي مطبعة من مطابعها.
- وتحت مبررات عديدة كانت أمريكا تطبع كميات كبيرة من الدولار ومنها طباعة 110 مليار دولار في فترة الغز الأمريكي على فيتنام لتمويل نفقات الجنود والتسليح والمؤن ولتغطية احتياجات عدوانها، الأمر الذي نتج عنه انخفاض في قيمة الدولار.
- بعد معرفة العديد من الدول أن أمريكا تقوم بطباعة الدولار دون ربط بالدولار قامت بالمطالبة بسحب ايداعاتها من الذهب كما فعلت فرنسا خلال فترة الغزو الأمريكي لفيتنام ولكن الرئيس الأمريكي (نيكسون) ماطل وتهرب من هذه المطالبة حتى كادت أن تتفجر بينهما حرب، وقد استمر الضغط الفرنسي في مطالبة أمريكا بالذهب حتى السبعينيات.
- في الثالث عشر من أغسطس عام 1971 عقد الرئيس الأمريكي (ريتشارد نيكسون) اجتماعاً سرياً في كامب ديفيد مع رئيس الاحتياطي الفيدرالي “آرثر بيرنز” ووزير الخزانة “جونكونالي” بمشاركة مجموعة من مستشارين رفيعي المستوى في البيت الأبيض، وبعد يومين من الاجتماع وتحديداً مساء الأحد الموافق 15 أغسطس/آب 1971، قام الرئيس نيكسون بإعلان فك ارتباط الدولار بالذهب ليعلن الخبر على شاشات التلفزيون.
- قائلاً “لقد أمرت أمين الخزانة العامة بأخذ الإجراءات اللازمة لحماية الدولار أمام سماسرة المضاربين، لقد أمرت السكرتير كوني (مؤقتاً) بتعليق قابلية تحويل الدولار الى ذهب أو الأصول المحجوزة، إلا تلك الكمية المشروطة بالحفاظ على الاستقرار المالي ومصالح الولايات المتحدة”.
- هذه الخطوة عملياً كانت اعلان واضح عن انهيار اتفاقية نظام النقد العالمي الموقعة في 1944م في بـمؤتمر (بريتون وودز) بمعنى آخر لقد تجرأت أمريكا على سرقة ذهب العالم وأعلنت تخلصها من الاتفاقية التي تلزمها بتبديل الدولار بالذهب وشكل ذلك الإعلان صدمة للدول الموقعة على الاتفاقية وقد عرف بـ (صدمة نيكسون).
- مرت الأيام وتبين للعالم بأن قرار أمريكا بشأن فك ارتباط الدولار عن الذهب لم يكن مؤقتا أيضا كما أعلن (نيكسون) بل كانت سرقة ضخمة لما يقارب 75 % من ذهب العالم.
- انتهى الأمر بتمهيد الطريق لاعتماد النظام الحالي لأسعار الصرف العائمة.
- من 1944 إلى 1970م كانت أسعار النفط للبرميل الخام (1.90) دولار، وفي نهاية 1972م ارتفع إلى (3.1) للبرميل الخام.
- وبمجرد سريان مفعول مخرجات قرار اجتماع بيلديربيرغ الكارثي في سالتزجوبادن في يناير ١٩٧٤م أصبحت نسبة الـزيادة ٤٠٠٪ أمراً واقعاً.
ــــــــــــــــــــــ
- من كتاب علاقة الرأسمالية بزعزعة استقرار العالم للكاتب محمد محمد الآنسي – اليمن – صنعاء