الاقتصادي

الدور السلبي للبنوك في ظل الرأسمالية ونظامها المالي الربوي

كتب/محمد محمد أحمد الانسي-باحث في الشؤون الاقتصادية

معظم الأنشطة التي تقوم بها البنوك هي أنشطة ربوية، إمّا أنشطة الاستثمار في أذون الخزانة أو ممارسة تفريخ القروض من الودائع، ويشكل العمل المصرفي بنظام الاحتياطي الجزئي الخطورة الكبرى إذ تقوم البنوك المركزية والبنوك التجارية بشكل خاص بممارسة انتاج المال/النقود الوهمية (الرقمية) من لا شيء، بلا انتاج وبلا عمل، بل بطريقة ربوية قاتلة للاقتصاد ومانعة منعاً كاملا ً للتنمية.

فمن خلال العمل المصرفي بنظام (الاحتياطي الجزئي) في النظام الرأسمالي العالمي تقوم البنوك بالاحتفاظ النقدي بجزءٍ من الودائع فقط (10٪) وتقوم بإقراض البقية لعملاء آخرين.

 

لتقريب الصورة سوف أضع بعض الأسئلة بشأن الأموال التي يتم إيداعها في البنوك…

ما الذي يحدث لأموال الودائع؟

 ولماذا تقوم البنوك بدفع الفائدة على الأموال لمجرد الاحتفاظ بها في خزائنها؟

ولماذا يذهب صاحب الوديعة للبنك ولا يستطيع استعادتها بسهولة؟!

من المعلوم أنّ الشخص الذي يقوم بإيداع أمواله في البنك يحصل على مبلغ فائدة، وتقوم البنوك بالتصرف بتلك الودائع فيقرضونها للأشخاص والشركات مقابل سعر فائدة أعلى بكثير من سعر الفائدة التي منحوها للمودع، والفارق بين الفائدة التي يتقاضونها على قروضهم والفائدة التي يدفعونها لصاحب الوديعة هو الربح الذي يحققه البنك، وهذا هو السبب وراء استعداد البنوك لدفع الفائدة على الودائع.

وهكذا تحتاج البنوك إلى جذب المزيد من الودائع؛ لأنها تخلق لها فرص التصرف بها فتقرضها للآخرين مقابل فائدة كبيرة. طريقة خلق النقود في البنوك:

 

مثال لتقريب الصورة وتوضيح طريقة عمل البنوك:

يذهب أحمد إلى (البنك الفلاني) وقام بإيداع مبلغ 100000 مائة ألف ريال في حسابه. يحتفظ البنك بمبلغ 10 عشرة ألف ريال منها فقط، ويقرض الـ 90 ألف المتبقية لشخص آخر مثلاً (حمود) و(حمود) يأخذ المبلغ التسعين ألف الذي اقترضه ويذهب ليشتري به تلفوناً من (صلاح) ويقوم (صلاح) بالذهاب إلى البنك لحفظ نقوده في حسابه ويتم إيداع قيمة التلفون الذي باعه بـ(90) تسعين ألف ريال. فيقوم البنك بالاحتفاظ ب 10 % منها نقداً ويقرض بقية المبلغ لشخص آخر (مسعود).

وفي هذا الحالة ومن مبلغ وديعة (أحمد) الـ 100 المائة ألف ريال فقط قام البنك بتقييد مبالغ مالية كثيرة وهي:

100.000 ومبلغ 90.000 ألف ومبلغ 90.000 مبلغ تسعين ألف ريال أخرى، ومبلغ 81.000 واحد وثمانون ألف ريال والإجمالي هو:

٣٦١,٠٠٠ ثلاثمائة وواحد وستون ألف ريال.

 

ألا ترون كيف تقوم البنوك بإنتاج المال الوهمي من لا شيء.

وهكذا تتم صناعة التضخم والإفلاس وتنتشر البطالة إنه الربا في أشكاله العملية المدمرة، وهذا هو نظام الاحتياطي الجزئي الذي يسمح للبنوك أن تقوم بتوليد وإنتاج أموالاً (إلكترونية) بشكل يومي من غير إنتاج.

وفي الحقيقة هي أموالٌ وهمية فعلاً لأنها (مجرد أرقاماً إلكترونية) في الحواسيب والأنظمة الآلية للبنوك.

هذه هي الطريقة التي تقوم بها البنوك بزيادة المعروض النقدي، للأموال المتداولة، دون زيادة كمية النقد الحقيقي المادي المتحرك.

 

وفي هذا السياق يروي الاقتصادي الأكاديمي (موراي روثبارد) (Murray Rothbard) في كتابه (شهادات ضد الاحتياطي الفيدرالي) كيف تم فرض نظام الاحتياطي الفيدرالي على الشعب الأمريكي من خلال تحالف رفيع المستوى من المصالح المصرفية.

كما قدم (موراي روثبارد) في كتبه ومقالاته تحليلات اقتصادية مهمة عن طبيعة المال، ونشأة النقود الورقية الحكومية، وعدم الاستقرار المتأصل (والاحتيال الأساسي) في الأعمال المصرفية الاحتياطية الجزئية والأسباب الحقيقية لدورة الأعمال. وركّز (روثبارد) على فهم مشكلة التعامل مع المال كـسلعة، مثل أي سلعة أخرى، وإخضاعه لقوانين السوق، وسماح الدول للبنوك بممارسة هذه الخطيئة قد نتج عنها التضخم وتعرض النقود لفقدان مستمر من قيمتها الشرائية..

 

إنّ البنوك تقوم بتعطيل النقود ومنعها من القيام بدورها الأساسي كوسيط في التبادلات التجارية، وترتكب جرائم اقتصادية بشكل يومي من خلال انتاجها للأموال الوهمية من ودائع الآخرين، ومن المؤسف أن هذه الممارسات يترتب عليها مجموعة كبيرة من الكوارث الاقتصادية والعوائق التنموية والظلم وانتشار الفقر وارتفاع معدلات البطالة في معظم بلدان العالم.

***

والله الموفق

 

#من كتاب المشكلة الاقتصادية الأسباب والحلول – محمد محمد الآنسي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى