الأغنياء المنتجون هم الطبقة المتوسطة وفقاً لرؤية الإسلام الاقتصادية
موقف الاسلام يدعم هذه الفئة ويحميها

كتب محمد محمد احمد الانسي -خبير اقتصادي
الأغنياء المنتجون هم الطبقة المتوسطة وفقاً لرؤية الإسلام الاقتصادية
الطبقة المتوسطة وفقاً لرؤية الإسلام الاقتصادية هم الأغنياء المنتجون، باعتبارهم الفئة التي تمتلك رأس المال وتجمع بين الاستهلاك والإنتاج معاً، وتحقق التوازن. ونظرًا لوظيفتها الاقتصادية وعوائدها فهي أهم فئة فهي التي تدفع الزكاة وتقوم بالإنفاق وتفعل الخير.
موقف الإسلام من هذه الفئة
يدعمها، ويفرض إجراءات تحافظ عليها في دائرة الإنتاج والعطاء، ويضع أمامها التزامات عديدة وقيودًا تمنعها من الاستخدام الخاطئ للنعم والإمكانات التي سخرها الله لها، ويدفع بها للمشاركة وتحمل المسؤولية الاجتماعية بما يحقق التوازن ويرسخ قيم ومبادئ العدل والخير والدوران الاقتصادي. كما يحثها بطرق عديدة على الإنفاق، ويحذرها من الاكتناز ليبقى المال قيد الدوران في خدمة الإنتاج.
والإسلام يضع مسؤوليات أمام هذه الفئة، ويدعوها إلى المساهمة الفاعلة في بناء الدولة الكريمة، بطريقة توضح أن الإمكانات التي تحصل عليها هي ملك لله الخالق، والإنسان فيها أمام محك مهم، له منها حق الانتفاع في إطار ما يحتاج إليه هو ومن يعول، بما يمكنهم من الحياة الكريمة العزيزة.
والطبقة المتوسطة في الاقتصاد هي أهم فئات المجتمع نظراً لوظيفتها ودورها الاقتصادي؛ فهي الفئة التي تمارس الاستهلاك والإنتاج معاً، فتحقق التوازن الاقتصادي الأساسي، ومن هنا تسمى رمانة الميزان. وتكمن أهميتها الاقتصادية نظراً لأنها الفئة التي تشارك في ملكية أصول المال والثروة العامة، فهي التي تملك الأرض الزراعية وتقوم بالإنتاج والعمل. وهي الفئة التي تستطيع إلحاق أولادها بالتعليم والوظائف، وتستطيع أن تشتري ما تحتاج إليه من سلع ومستلزمات.
الفرق بين (الأغنياء المنتجين) و(الأغنياء المترفين الناهبين)
• فئة الأغنياء المترفون الناهبون: فئة لا تشارك في الإنتاج، وحجمها صغير، وما يحصلون عليه من ثروة من طرق غير شرعية كالربا والظلم والنهب والسيطرة على أموال الآخرين.
• حجم السلع والمنتجات الخاصة بالأغنياء في السوق الاستهلاكية محدود وصغير مقارنة بحجم وكميات السلع الاستهلاكية العامة.
• فئة المساكين: فئة ذات دخل محدود، وعائد دخلها لا يكفي لمواجهة التزاماتها المعيشية.
• فئة الفقراء: فئة لا تمتلك شيئاً من أدوات الإنتاج ولا تستطيع المشاركة في العمل.
• والدولة في الإسلام ملزمة بنقل فئة المساكين والفقراء إلى فئة الإنتاج والكفاية، لتكون من الأغنياء المنتجين، من خلال حصصها من الزكاة ومن الموارد الأخرى.
ويمكن أن تكون فئة الفقراء صغيرة جداً، محدودة بفئة الضعفاء وكبار السن غير القادرين على العمل، أو الأيتام الصغار ممن لا عائل لهم، وهذه الفئة مكفولة في الإسلام بالضمان الاجتماعي وتوفير احتياجاتها، وتقع ضمن مهام الدولة والمجتمع.
ولولا جريمة الربا والاحتكارات، لما كان حجم هذه الفئة على النحو الواسع الموجود في الوقت الراهن، إذ تمنع التعاملات الربوية فرص الدوران، ومن خصائص الربا أنه يركز الثروة ويراكمها في يد فئة القلة من الأغنياء المترفين الناهبين (فئة لا تشارك في الإنتاج)، ولهذا توعدها رب العالمين بعقوبات شديدة.
نمو الطبقة المتوسطة معيار أساسي يشير إلى غياب الربا والاحتكارات ويؤكد عدالة التوزيع
في ظل سيطرة الطواغيت والظالمين على شؤون الناس تكون الفئة المنتجة مستهدفة، تعاني من القمع لصالح عمالقة التعليب والتعبئة والاستيراد، حيث تحصل الاحتكارات على نفوذ وهيمنة لا تسمح لأحد بالصعود أو المشاركة في الإنتاج.
الطبقة المتوسطة في ظل الشيوعية
كانت الفئة المنتجة مستهدفة من الشيوعية في الغرب وفي أوروبا الشرقية وفي كل منطقة وصلت إليها الشيوعية؛ حيث تعرضت للنهب والتشويه، إذ أطلق عليها الشيوعيون مصطلح (البرجوازية) لتبرير نزع ملكيتها وسلبها الأراضي الزراعية وأدوات الإنتاج، وفقاً لمبادئ وأكاذيب المساواة التي فرضها الماركسيون المجرمون بهدف تحويل الشعوب إلى عمالة مجانية في مصانع وشركات ومزارع يعود ريعها على الممولين اليهود المرابين، وهم نفس الممولين الربويين في الرأسمالية أيضاً! وقد أخاف هذا التصرف الشعوبَ من الشيوعية، وردة فعل الفئة المنتجة في بعض الدول ساهمت في ردع الإجرام الشيوعي في مراحل محددة.
الطبقة المتوسطة في ظل الرأسمالية (الوضع الراهن في القرن الواحد والعشرين)
والوضع المعيشي للطبقة المتوسطة، واستمرار تعرضها للانقراض والتحول إلى فئة الفقراء خلال عقود متتالية منذ الحرب العالمية الثانية، يفضح أكاذيب الرأسمالية ويشير بوضوح إلى ظلمها وفشلها الكبير. فالحديث عن الطبقة المتوسطة اليوم يحرج الرأسمالية والمسبحين بمجدها الزائف؛ لأن قادة الفكر الرأسمالي الأولين القدامى تمدحوا وتفاخروا بأن هذه الطبقة تتعافى وتنمو في ظل الرأسمالية؛ بينما الواقع يقول العكس. فقد قامت الرأسمالية وما زالت تقوم بتدمير هذه الفئة وتسحقها كما فعلت الشيوعية تماماً، إذ يقوم الربا والاحتكارات بمهام سحق وتدمير ليلاً ونهاراً للطبقة المتوسطة في الغرب والبلدان الرأسمالية وفي العالم كله.