أسعار الذهبأسعار الصرفأسعار الغذاءأسواق المالاسعار النفطاقتصاد عربيالاقتصادياليمنتقنيةدوليكتاباتمنوعات

(احتجاز الاتحاد الأوروبي للشوكلاته الجزائرية مرجان) الدروس الاقتصادية المهمة للشعوب الإسلامية

كتب/محمد محمد أحمد الانسي - باحث في الشؤون الاقتصادية – اليمن صنعاء

 

مؤخراً أكدت وسائل الاعلام الجزائرية بأن الاتحاد الأوروبي منع دخول شوكولاتة “المرجان” الجزائرية إلى السوق الأوروبية، وأشارت بأن المبررات التي طرحها الأوروبيون متناقضة وضعيفة منها “عدم توافق المنتج مع لوائح الاتحاد الأوروبي”

الحقيقة أن هذا الاجراء في إطار السياسات الحمائية للمنتجات الأوربية التي يراها الغرب حلالا لهم وحراما على البلدان الاسلامية بحجة مخالفة اتفاقية منظمة التجارة العالمية وخطط مؤامرة السوق الحرة.

إن المنع الأوروبي لدخول مرجان الجزائرية يأتي في مسار أهداف الرأسمالية الغربية التي لا تريد من الشعوب الأخرى الخروج من دائرة الاستهلاك.

والواقع المعلوم للجميع بأن الاجراءات الأوروبية جاءت بعد قصة نجاح كبيرة للشوكلاته مرجان الجزائرية إلى درجة أن المتاجر الأوروبية شهدت إقبالاً كبيراً عليها إلى حد أن المتاجر الأوروبية  وضعت قيوداً على كمية الشراء لكل زبون بسبب الإقبال الكبير على الشوكلاته مرجان.

 

الموضوع أكبر من (مرجان الجزائرية):

لقد دخلت الشوكلاته الجزائرية مرجان إلى السوق الأوربية منذ عام 2021م ولأنها منتج ناجح فقد كان الإقبال والطلب عليها كبير، مما دفع بالمستهلكين للحديث مؤخراً عنها في وسائل التواصل الاجتماعي مطالبين الجزائر بتصدير المزيد منها، كما انتشرت مقاطع مقارنة لمرجان مع منتجات عالمية أخرى تؤكد تفوق هذا المنتج العربي وتميزه، الأمر الذي أثار مخاوف الشركات العالمية الغربية ودفع بالاتحاد الأوروبي لوضع قيود تمنع دخول مرجان الجزائرية إلى الأسواق الأوروبية خوفا على تراجع مبيعات شركات الشوكلاته الأوروبية المنتشرة في معظم بلدان العالم.

الاجراءات التي قامت بها الجزائر للتحول من مستورد للشوكلاته إلى منتج مصدر

من زاوية اقتصادية مهمة بداية من الأسباب والسياسات العظيمة التي اتخذتها الجزائر ودفعت باقتصادها نحو نجاحات وخطوات مهمة نحو الاستقلال الاقتصادي والنهوض منذ وصول الرئيس عبدالمجيد تبون إلى الرئاسة في 2019م إلى يومنا هذا.

لقد تحقق على يدي الرئيس تبون الكثير من الانجازات الاقتصادية في ظل وضع عالمي واقليمي مليئ بالمؤمرات الغربية ضد اقتصادات الدول الأخرى، إلاّ أن اجراءات تبون وعزيمته ووعيه الاقتصادي والسياسي الكبير فرض نجاحات كبيرة من بركاتها ونتائجها حدوث تصحيح ونهوض اقتصادي في الجزائر وانتقال من بلد مستورد للمواد الزراعية والصناعات الغذائية الغربية إلى بلد منتج ومصدر لها.

منذ وصول تبون للرئاسة في 2019م كان مليئا بالحماس والعزيمة في تنفيذ خطوات اقتصادية التزم بها للشعب منطلقا من الاصرار على خفض فاتورة الاستيراد.

 

الخطوات الأساسية لنجاح للرئيس تبون

الخطوات الأساسية لنجاح للرئيس تبون كانت في إعلانه منعاً نهائياً لاستيراد عدد كبير من السلع والمواد التي ينتجها الشعب الجزائري والممكن انتاجها.

وحين تبنى الرئيس الجزائري شخصيا هذا التوجه لاقت خطواته ترحيباً وتفهماً من التجار الجزائريين الأحرار ومن الشعب الجزائري المستهلك العظيم الواعي فنجحت اجراءات تبون في خفض فاتورة الاستيراد من 63 مليار دولار سنويا إلى ما يقارب 40 مليار؛ ونتيجة لهذا التحول فقد حقق الاقتصاد الجزائري قفزات نجاح مهمة تمثلت في نهوض شركات ومصانع جديدة كثيرة وتوفرت الالاف من فرص العمل وحصلت العملة الجزائرية على جرعات دعم وحماية مهمة أمام العملات الأجنبية.

لقد نتج عن خطوات الرئيس عبدالمجيد تبون نهوضا في القطاع الزراعي بشكل كبير إذ تشمل خطته وتعهداته تحقيق اكتفاء ذاتي من الغذاء مدركاً أن من يملك قوته يمكنه الاستقال والانعتاق عن التبعية للآخرين.

وبسبب هذا النجاح حصل الرئيس تبون مؤخراً على فوز باغلبية ساحقة في الانتخابات الرئاسية مكنته من البقاء في فترة رئاسية جديدة.

 

الحلول أمام مشكلة مرجان الجزائرية وغيرها من المنتجات

السوق الإسلامية المشتركة فرصة متاحة للنهوض الاقتصادي والتحرر من هيمنة الرأسمالية الربوية وبالامكان تحويل الأزمة إلى فرصة حيث ما زالت الجزائر تستورد من أوروبا بأكثر من عشرين مليار دولار سنوياً وبالامكان مبادلتها المثل بمنع عدد من منتجاتها من الدخول إلى الجزائر وسوف تنعكس ايجابا على الاقتصاد الجزائري.

والفرصة أمام الدول الاسلامية أن تفتح سوقا مشتركة لمنتجاتها وجميعها تمتلك سلع وصادرات مهمة يريدها الغرب أن تبقى موادا خام لشركاته وبالامكان تفعيل التبادل التجاري السلعي والتبادل التجاري المدفوع لتحقق نجاحات اقتصادية غاية في الأهمية وستجد أن شعوبها (المستهلك) سيرحبون بهذا الخطوات دون شك.

الأمل في شعوب الأمة الإسلامية كلها ولا نعول على الأنظمة العربية ولا على منظمة التعاون الاسلامي وقيادتها الحقيرة فهي في مهمة عمل مع أعداء الأمة ولا يمكن يتحقق على أيديهم أي نجاح لصالح الشعوب والأمة الإسلامية، لأننا نعرف مواقفها ونؤمن بأنها تمارس العمالة للرأسمالية الغربية بكل تفان وإخلاص.

والجميع يذكر موقف السعودية من ماليزيا لمجرد عقد قمة كوالالمبور في 2019م كيف استشاط الخونة غضبا وتهديداً وسارعوا بالضغط على مهاتير محمد وعلى الرؤوساء المشاركين فيه خوفاً من أي مخرجات لصالح البلدان الاسلامية وشعوبها.

لكن الأمل في الشعوب العربية الحرة كبير بإمكانها وحدها صناعة التغيير المطلوب ورفض العبودية والتبعية للغرب؛ لأنها هي التي تدفع فاتورة الاستيراد وتتجرع وجع المؤامرات الاقتصادية رغم أنها تنتمي إلى بلدان سخر الله تحت ترابها وفوق أراضيها ثروات ومقومات اقتصادية كبيرة تحقق فوائض نقدية كبرى لكنها تصب في بنوك الغرب وتسخر لصالح السندات الأمريكية والأوروبية، بالرغم من ذلك تنفذ توجيهات البنك الدولي وصندوق النقد بفرض ضرائب على شعوبها ورفع أسعار المشتقات النفطية على مواطنيها وكأنها بلدان فقيرة.

يجب على الشعوب أن ترفض البقاء في دائرة الاستهلاك للمنتجات الغربية وممارسة الاجراءات المطلوبة رفضا للتبعية الاقتصادية للآخرين وهذه الخطوة هي العمل المطلوب والأمل المتاح لحدوث التحرر من هيمنة الغرب على ثروات الشعوب وفيها الفرصة للتحول إلى بلدان منتجة ذات اقتصادات كبيرة مستقلة.

 

فرص النجاح ومقومات النهوض الاقتصادي الإسلامي

تشكل البلدان الاسلامية قوة بشرية تقارب اثنين مليار نسمة، وبالامكان أن تكون الشعوب الإسلامية سوقاً استهلاكية كبيرة جداً لمنتجات بعضها بشكل يثمر تأسيس وبناء تكتل اقتصادي إسلامي هو الأكبر على مستوى العالم.

إن المقومات التي تمتلك البلدان الإسلامية كبيرة جداً وعوائدها تصب في صالح اليهود وقوى الرأسمالية الإجرامية بسبب خضوع معظم قادة البلدان الإسلامية لليهود وقوى الرأسمالية الغربية.

 

 من الموجهات الاقتصادية لقادة الأمة الاسلامية الأحرار

في هذا الاطار أضع بين يدي القارئ الكريم ستة موجهات مهمة جداً مختارة من الموجهات الاقتصادية التي قدمها السيد القائد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله – مخاطباً أبناء الأمة الإسلامية في خطاباته وكلماته -المتوفرة في مواقع الشبكة العنكبوتية، وهي كما يلي:

(1)

  • ((لا يوجد للمسلمين سوق مشتركة، الوضع الاقتصادي فيما بينهم في العلاقات الاقتصادية، والتبادل التجاري تحت سقف ما تريده أمريكا، ويستجيب تماماً لأي توجهات أمريكية، أو عقوبات أمريكية، أو حصار أمريكي على شعبٍ من شعوب الأمة الإسلامية.))

(2)

  • ((الأمة الإسلامية اليوم تعاني نتيجة غياب هذه الرؤية، وهذا الفهم الصحيح تجاه النعم الإلهية، الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” مكَّن أمتنا الإسلامية في منطقتنا العربية وسائر العالم الإسلامي من موقع جغرافي عظيم ومهم، مناطق مهمة أعدَّ الله فيها وادخر فيها لهذه الأمة كل الإمكانات المهمة واللازمة لقيام الحياة، وأكثر من ذلك لنكون أمةً قوية، متقدمةً على سائر الأمم والشعوب مما منحها الله من إمكانات وقدرات وخيرات، بلدان كبيرة وبلدان واسعة صالحة على المستوى الزراعي للزراعة في مساحات كبيرة منها، وكذلك تمتلك في الأماكن الأخرى غير الصالحة للزراعة طاقات وإمكانات وقدرات مهمة، حتى الصحراء، حتى الربع الخالي جاثم على بحيرات هائلة من النفط الخام، الثروات المتنوعة التي منحها الله لهذه الأمة ولشعوب هذه المنطقة، ثروات هائلة جدًّا، تساعد هذه الشعوب، تساعد هذه الأمة على أن تعيش عيشةً هنيئةً، فتتوفر لها المقومات الضرورية للحياة، وأن تكون أمةً قوية، تمتلك قدرات كبيرة وهائلة.
  •  والحال الذي نعيشه كأمةٍ مسلمة مزرٍ على المستوى الاقتصادي، وهو نتاج نظرة خاطئة وفهم غير صحيح، وسياسات تبنى عليها الخطط الاقتصادية والتجارية، سياسات خاطئة، وغياب للوعي؛ لأن هذا الموضوع يحتاج إلى وعي عام لدى الجميع، لدى الشعوب بنفسها، لدى رجال المال والأعمال، لدى القائمين على شؤون الناس، المسؤولين وفي الحكومات، نحن أمة لا نستفيد لا من هذه الثروات الهائلة، الكثير من الثروات تذهب بشكلٍ كبير إلى أعدائنا على المستوى الخام، المادة الخام تؤخذ إلى صالح أعدائنا، وعلى المستوى الانتاجي كذلك لا نهتم بأن نعتمد على انتاجنا المحلي، ونعمل ونشتغل في حياتنا كسوق كبيرة لاستهلاك منتجات الآخرين.
  •  الآخرون يأخذون المواد الخام- في كثيرٍ منها- من بلداننا ومناطقنا، ويستفيدون أيضاً من الثروات النفطية في منطقتنا، ويقومون هم بإعادة صناعة المواد الخام هذه، وتصدير الكثير منها إلى بلداننا كبضائع، ونأتي نحن فقط لنشتري ما أنتجوه وما صنعوه، ولا نمتلك الإنتاج لكثيرٍ من احتياجاتنا الأساسية والضرورية، بل ما يصنف في قاموس الدول على أنه ضمن مفردات ما يدخل في حيز الأمن القومي لها، يعني أشياء أساسية، لها أهمية استراتيجية، وأهمية أمنية، وأهمية لكي تكون تلك الأمة أو ذلك الشعب أو ذلك البلد حراً، ويمتلك المقومات الأساسية والضرورية؛ لكي يكون صامداً وثابتاً في مواجهة التحديات ومواجهة الأخطار والأعداء، مثل: القمح، القوت الضروري، المنتجات الأساسية جدًّا، تهتم الكثير من البلدان؛ لكي تمتلك الاكتفاء الذاتي فيها، يعني: كثير من البلدان تحرص على أن تمتلك الاكتفاء الذاتي، أن تحقق الاكتفاء الذاتي لنفسها في إنتاج الأشياء والاحتياجات الضرورية واللازمة للحياة، بحيث لا تكون من أعدائها، ولا تكون من أطراف أخرى تملك التحكم عليها، والضغط عليها بها كورقة ضغط، كورقة ابتزاز، كسلاح تفعِّله ضدها، هذا وعي أممي، وعي لدى أمم وشعوب وبلدان ليست حتى مسلمة، بفطرتها البشرية، بالفطرة التي منحها الله العباد.)).

(3)

  • ((الشعوب ذات الكثافة السكانية عندها سوق ضخمة، استهلاك نشط، وعندما يربطون استهلاكهم بإنتاجهم؛ هنا يحصل النمو الاقتصادي، عندما يرتبط الاستهلاك بالإنتاج المحلي يمثِّل عاملاً مهماً في قوة النهضة الاقتصادية ودعم المنتج المحلي، أين مشكلتنا نحن؟ مشكلتنا في المنطقة العربية ليس استهلاكنا مرتبطاً بإنتاجنا، نحن نستهلك كشعوب عربية، واحتياجاتنا كثيرة، احتياجاتنا كسائر البشر: احتياجاتنا الغذائية، واحتياجاتنا الصحية، واحتياجاتنا فيما يتعلق بالملابس، واحتياجاتنا في ما يتعلق بالبناء والعمران… في كل مجالات الحياة، نستهلك، هذا شيء قائم وحاصل، الاستهلاك مسألة حاصلة وقائمة، ولدينا- في الوقت نفسه- نشاط في الحياة كشعوب عربية))

(4)

  • ((ما يريدونه لنا على المستوى الاقتصادي: أن نكون سوقاً لهم، أن ينهبوا الطاقة بشكلٍ خام، كل المواد الخام الموجودة في بلداننا أن ينهبوها: النفط، المعادن، الخيرات، كمادة خام أن تنهب، ثم أن يستغلوها هم، أن يستفيدوا منها هم، وأن يسوقوا البعض منها، وقد يكون مشوباً بالكثير والكثير من المضار، أن يسوقوه إلينا، ثم نجعل من أنفسنا سوقاً استهلاكية)).

(5)

  •  ((من العار، ومن الإثم، ومن التقصير، ومن الغبن أن يتجه الناس بهذا الشكل.. أن يتحولوا إلى أمة غير منتجة)).

(6)

  • ((المشكلة الكبيرة جداً والخطيرة هي الاعتماد على الاستيراد، استيراد الأساسيات سياسة خاطئة فاشلة وتفريط بالأمن القومي))
انتهى كلام السيد القائد.

***

في هذا السياق وفي إطار الموضوع نفسه، من اليمن نؤكد للأشقاء في الجزائر وفي كل البلدان الإسلامية باننا مستعدون لتبادل التجاري ونطالب بسوق اسلامية مشتركة للتبادل التجاري بما يحقق المصلحة لشعوبنا وأمتنا.

أن إمتنا وشعوبنا في أمس الحاجة إلى هذا التوجه الذي بات ضروياً للبقاء والتحرر من التبعية والضعف والمعاناة التي لحقت بشعوبنا وأمتنا بسبب هيمنة وتسلط قوى الرأسمالية على أسواقنا وثرواتنا وخيراتنا.

والله ولي التوفيق..

اليمن – صنعاء

بتاريخ 14 ربيع الأول 1446هـ الموافق 17 سبتمبر 2024م

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى